کد مطلب:239517 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:138

سؤال و جوابه
قد یدور بخلد القاری ء أن ما ذكرناه هنا: فیما یتعلق بالفارق الكبیر بالسن ، ینافی ما تقدم من أن المأمون كان یرید الحصول علی قاعدة شعبیة، و الارتفاع بالخلافة من الحضیض الخ..

و لكن الحقیقة هی : أنه لا منافاة هناك .. و یمكن للمأمون أن یقصد كل ذلك من البیعة، لأن مقدار التفاوت بالسن بین الامام (ع) و المأمون، لم یكن مما یعرفه الكثیرون، و لا مما یلتفت الیه عوام الناس فی بادی ء



[ صفحه 245]



الأمر، لأنهم یأخذون الامور علی ظواهرها، و لا یتنبهون الی مثل ذلك، الا بعد تنبیه و تذكیر؛ فللوهلة الاولی تجوز علیهم الخدعة، و یقدرون خطوة المأمون هذه، و تنتعش الآمال فی نفوسهم بالحیاة الهنیئة السعیدة، تحت ظل حكم بدا أنه یتخذ العدل دیدنا، و الانصاف طریقة ..

ثم .. و بعد أن یجند المأمون أجهزة اعلامه، من أجل تسمیم الأفكار، یجد أن نفوس الناس مهیأة و مستعدة لتقبل ما یلقی الیها . و یكون لدیه - باعتقاده - من الحجج ما یكفی لاسقاط الامام، و زعزعة ثقة الناس به . و لا یؤثر ذلك بعد ذلك علی الحكم ؛ فان الحكم یكون قد استنفذ أغراضه من البیعة، و حصل علی ما یرید الحصول علیه منها .. هذا و لابد لنا هنا من ملاحظة أن المأمون و أجهزة اعلامه كانوا فی مقابل وصم الامام بالرغبة بالدنیا و التفانی فی سبیلها .. یشیعون بین الناس عن المأمون عكس ذلك تماما ؛ فیطلب المأمون من وزیره أن یشیع عنه الزهد، و الورع و التقوی [1] و أنه لا یرید مما أقدم علیه الاخیر الامة و مصلحتها ؛ حیث قد اختار لولایة عهده أفضل رجل قدر علیه، رغم أن ذلك الرجل هو من ذلك البیت الذی لا یجهل أحد موقفه من حكم العباسیین، و موقف العباسیین منه كما یتضح ذلك من وثیقة ولایة العهد، و غیرها .


[1] تاريخ التمدن الاسلامي ج 4 ص 261.